سورة العنكبوت - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العنكبوت)


        


يبدئ الخلق: يخلقه اول مرة. ويعيده: في الآخرة يوم القيامة: ينشئ: يخلق. النشأة: الخلق. تقلبون: تردون بعد موتكم. من ولي: قريب. ولا نصير: ولا معين.
في هذه الآية تكملةٌ لقصة إبراهيم فانه لهم: ألم تروا كيف بدأ الله الخلق؟ انه سيعيد الخلق يوم القيامة كما خلقه اول مرة. وذلك على الله يسير. ثم ارشدهم إلى الاعتبار بما في هذه الأرض من دلائلَ وما في الآفاق من شواهد، وقال لهم: سيروا في هذه الأرض، ابحثوا فيها كيف بدأ الله الخلق، فانكم ستجدون الدلائلَ الكافية على كيفية تكوين الخلق كما بدأه الله، وهو سيعيد غنشاءه يوم القيامة. وهو حسب حكمته يعذّب من يشاء ويرحم من يشاء بعدله في حكمه، إليه مرجعُكم جميعا يوم الحساب والجزاء. لستم أيها المكذِّبون بمعجزين اينما كنتم، ولا يستطيع أحدٌ نصركم. إن الذين كفروا بالدلائل التي بينّها الله في هذا الكون، وكذّبوا برسله وكتبه- انما يئسوا من رحمة الله، ولهم عذابٌ شديد مؤلم.
فما كان جوابُ قوم إبراهيم على هذا الحوار العظيم إلا الامعان في الكفر، وقالوا: اقتلوا إبراهيم أو احرقوه في النار، فأنجاه الله من النار وجعلها بردا وسلاما، وإن في ذلك لدلائل واضحة لمن يصدق بالله.
وقال ابراهيم لقومه: انما اتخذتم هذه الأصنامَ تعبدونها من دون الله، لا اعتقاداً واقتناعا بعبادتها، وانما يجاملُ فيها بعضكم بعضا. ان مودّة بعضكم بعضا هي التي دعتكم إلى عبادتها، لكن هذه المودة ستنقلب إلى عداوةٍ يوم القيامة، حيث يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا، ومصيركم جميعا إلى النار.
وآمن لوط واجاب دعوته وكان ابن اخيه، وقال: إني مهاجر إلى بلاد الشام. ووهب الله لابراهيم اسحاق ويعقوب وجعلَ من نسله النبوةَ، وأحسنَ إليه جزاء عمله، في الدنيا وفي الآخرة.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر: {ألم تروا} بالتاء. والباقون: {الم يروا} بالياء. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {النشَاءة} بفتح الشين ومدها. الباقون: {النشْأة} بسكون الشين.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: {مودةُ بينِكم} برفع {مودة} وجر {بينكم} بالاضافة، وقرأ نافع وأبو بكر وابن عامر: {مودةً بينكم} بنصب {مودة} منونا ونصب {بينكم}. وقرأ حفص عن عاصم وحمزة: {مودةَ بينِكم} بنصب {مودة} وخفض {بينكم} بالاضافة وهي قراءة المصحف.


الفاحشة: العمل القبيح الذي تنفر منه النفوس. السبيل: الطريق. القرية: سدوم في منطقة البحر الميت بالأردن. الغابرين: الباقين. سيء بهم: حصل له سوء وغم بسببهم. ضاق بهم ذرعا: عجز عن تدبير شئونهم. الرجز: العذاب.
ذُكرت قصة لوط في عدد من السور باختلاف يسير، وبعضها يكمل بعضا، وقد مرت في كل من سورة الأعراف وهود والحِجر والشعراء والنمل.
وخلاصتها ان قوم لوط كانوا أشراراً يقطعون الطريق على السابلة، قد ذهب الحياء من وجوههم فلا يستقبحون قبيحا، ولا يرغبون في حسَن. وكانوا يأتون الذكورَ من الناس، ويُعلنون ذلك ولا يرون فيه سوءا. فكانوا يتربصون لكل داخلٍ مدينتَهم من التجّار ويجتمعون عليه ويمدون ايديهم إلى بضاعته يأخذُ كل واحد منها شيئا حتى لا يبقى معه شيء. كما قال تعالى: {وَتَقْطَعُونَ السبيل}.
ولقد أنجى لله لوطاً وابنتَيه من القرية وبقيت امرأته فيها، لأنها كانت كافرة مع قومها، فحل بهم العذاب، وامطر الله عليهم حجارةً من سِجِّيل، قلبتْ ديارَهم عاليَها سافلها، وبقيت إلى آيامنا آية بيّنة لقوم يعقلون.
قراءات:
قرأ أهل الحجاز وابن عامر ويعقوب وحفص: {إنكم لتأتون الفاحشة} بهمزة واحدة. وقرأ أهل الكوفة {أإنكم} بهمزتين على الاستفهام.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب: {لنُنَجينه} بفتح النون الثانية وتشديد الجيم المكسورة. و{انا مُنَجوك} بفتح النون وتشديد الجيم المضمومة.
وقرأ ابن عامر والكسائي: {منزلون} بفتح النون وتشديد الزاي المكسورة. والباقون: {منزلون}، باسكان النون وكسر الزاي دون تشديد.


مدين: اسم قرية شعيب في شمال الحجاز، وشُعيب عربي. وارجو اليوم الآخر: توقعوا يوم القيامة وما يحدث فيه من أهوال. لا تعثوا: لا تفسدوا. الرجفة: الزلزلة. جاثمين: باركين على ركبكم، هالكين. ما كانوا سابقين: وما كانوا هرابين. حاصبا: ريحا فيها رمل وحجارة صغيرة.
تقدم ذكر قصة شعيب في سورة الأعراف وهود والشعراء بأطولَ مما هنا، وكذلك مرت قصة صالح مع قومه عادٍ في سورة الأعراف وهود وغيرها، وهم عربٌ مساكنهم في الأحقاف في شمال حضرموت. وموضع بلادهم اليوم رمال خالية على اطراف الرَّبع الخالي. وصالح وقومه ثمود عربٌ ايضا، ومساكنهم الحِجر في شمال الحجاز وتُعرف اليوم بمدائن صالح، واسماؤهم عربية. وهذا نصّق وجده المنقبون على حجرٍ بالحرف النبطي وتاريخه قبل الميلاد.
(هذا القبرُ الذي بنته كمكم بنتُ وائلة بنت حرم وكليبة ابنتها لأنفسِهن وذريتهن، في أشهرٍ طيبةٍ من السنة التاسعة للحارث ملك النبطيين محب شعبه.... الخ).
لقد أهلك الله قوم شعيب في (مدين)، وقوم هود في (الاحقاف)، وقوم ثمود في (الحجر) ويخاطب قريشاً بقوله تعالى: {وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ} لانهم يمرون عليها في ذهابهم إلى اليمن والشام.
وأهلك الله فرعون وقارون وهامان الذي جاءهم موسى بالمعجزات الواضحة فاستكبروا وكفروا، فما استطاعوا ان ينجوا من عذاب الله الأليم، بل أخذَهم الله بذنوبهم. فعادٌ أخذهم حاصبٌ، وهو الريحُ الصرصر التي تتطاير معها حصباء الأرض فتضربهم وتقتلهم. وثمود اخذتهم الرَّجفة والصيحة. وقارون خَسف به وبداره الأرض. وفرعون وهامان غرقا في اليمّ وذهبوا جميعا مأخوذين بظلمهم {وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
وذا نظرنا إلى احوال الأمم الآن في معظم أقطار الأرض نجد الفتنَ والحروب والمشاكل التي لا تنتهي، وغلاءض الاسعار المتزايدَ في جميع أقطار الأرض، أليسَ هذا كلّه من انواع العذاب والبلاء! لكن فرعون اليوم هو أمريكا وأوروبا من دول الاستعمار، وهامان هو بعض الحكّام الذين لا يخلصون لشعوبهم.
اما نحن، المسلمين، فقد حِدنا عن جادة الصواب، وانحرفنا عن ديننا واتبعنا اهواءنا فضعُفنا وتخاذلنا وتأخرنا، وصرنا نبهاً للأمم تنهب شركاتها خيراتنا حتى التي في باطن الأرض، وتغتصب اراضينا بتواطؤ بعضنا في ذلك. أليس هذا من العذاب!!

1 | 2 | 3 | 4